سليمان العمراني
تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في تعليم الأطفال. ليس عبثا أن تسمى “المدرسة الأولى للتكوين”. إن الأسرة والمدرسة هما عالمانيحتاجان إلى العمل معا لتحقيق التنمية المثلى للطفل.
حالياً، تعد التربية الدامجة أملاً للأسرة، التي تسعى إلى إيجاد إجابات ومساعدة في هذا المجال في مواجهة قلق كبير بشأنالمستقبل الذي سيحصل عليه الأطفال ذوي الإعاقة في التعليم. في الوقت الحالي يختلط هذا الأمل مع القلق والارتباك بسببالعديد من المناقشات حول عدم الوضوح حول ما تنطوي عليه التربية الدامجة.
خطوات جمعية حنان في الدمج
ارتبطت جمعية حنان لرعاية الأطفال المعاقين بمدينة تطوان بالمغرب، باتفاقية شراكة مع منظمة سييف دي شيلدرنإسبانيا Save the Children منذ سنة 1999، حققت بموجبها نقلة متميزة تمثلت في تغيير استراتيجية الجمعيةنحو دمج الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس العادية، بعد أن كانت الجمعية ومنذ تأسيسها سنة 1969 تتبنى فلسفةالتربية الخاصة.
انخرطت الجمعية في استراتيجية تطوير مراكزها التي تقدم “تربية خاصة” لتلاميذها وذلك بهدف تحويلها وبشكلتدريجي وعلى مراحل إلى مراكز موارد كجزء من الدعم البيداغوجي والتقني والعلاجي التي تقدمه للمدارس العادية.
حاليا الجمعية منخرطة في مشروع لنشر التربية الدامجة في التعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي والتكوين المهني، علىصعيد جهة طنجة تطوان الحسيمة مع المنظمة الفرنسية إنسانية ودمجHUMANITE et INCLUSION .
كانت البداية، في سنة 2005 بتنظيم ورشات لفائدة أسر 186 من الأطفال في وضعية إعاقة المسجلين بمركز التربيةالخاصة التابع لجمعية حنان، كان الهدف منها إقناع الأسر بتحويل أبنائها وبناتها إلى المدارس الابتدائية العادية لمتابعةدراستهم بها، حيث استعانت بخبرة منسقة منظمة سييف دي شيلدرن بريطانيا المتواجدة بالمغرب آنذاك، في تنشيطالورشات بالإضافة إلى أطر الجمعية.
تراوحت ردود فعل الأسر بين رافض وساخط ومستجيب، حيث اعتقدت فئة كبيرة من الأسر خصوصا الأمهات (أغلبهنأميات وينحدرن من أسر فقيرة) بأن جمعية حنان بصدد طرد أبنائها وبناتها من مركز التربية الخاصة، حيث التجأن بعدنهاية الورشات التحسيسية لمدير المشروع مستنكرات لمضمون وأهداف مشروع التربية الدامجة. وفي نفس الورشاتبعض الأمهات (تقريبا 30 أسرة) اقتنعن بأهمية التحاق أبنائهم بالمدارس العادية، وشرعن في تسجيلهم بتلك المدارسالقريبة من منازلهم.
هذا، وفي نفس السياق كانت الجمعية قد شرعت سنة 2003 في تطبيق برنامج التدخل المبكر، الذي من بين أهدافه دمجالأطفال في مؤسسات التعليم الأولي ودور الحضانات، حيث يقترح أعضاء فريق التدخل المبكر على الأسر تسجيلأبنائهم وبناتهم في تلك المؤسسات منذ سن 3 سنوات.
وعليه، قام فريق التربية الدامجة بتتبع المسار التعليمي لهؤلاء التلاميذ بزيارات يومية لجميع المدارس حيث يدرسون،بالإضافة إلى استفادتهم من الحصص العلاجية والتأهيلية والدعم التربوي داخل مركب الجمعية.
تشمل عملية التتبع التلاميذ المدمجين من لدن فريق التربية الدامجة لجمعية حنان مرحلة التعليم الأولي والابتدائي، بينمامرحلة التعليم الثانوي تتكفل بها الأسر لوحدها، نظرا لعدم توفر الجمعية على الموارد البشرية والمالية الكافية والقادرةعلى تتبعهم بمؤسسات التعليم الثانوي. وأبانت هذه التجربة عن المجهودات فوق العادية والاستثنائية التي تميزت بهاالأسر، حيث بمثابرتهن ودعمهن اليومي لأبنائهن وصل منهم حوالي19 طفل إلى المرحلة الثانوية، وشاب ذي إعاقةشلل دماغي واحد وصل إلى الجامعة. فهذا إن أبان عن شيء فيبين على مدى أهمية انخراط الأسرة في تربية وتكوينأبنائها في ظل وجود إعاقة.
ولإشراك الأسر في العملية التعلمية أحدثت الجمعية ما يسمى مدرسة الآباء، والمشكلة من أمهات خبيرات تجاوزنمرحلة الصدمة ونجحن في دمج أبنائهن في مؤسسات التعليم الأولي ومدارس التعليم الابتدائي، حيث ترشحن ليكنعضوات فاعلات ومؤطرات لأمهات جديدات ازداد لهن طفل ذي إعاقة، كي يرشدنهن في المسار الذي يجب اتباعه معتربية أبنائهن في المنزل، كما في المدرسة. والتي يؤطرها بعض كوادر الجمعية
التدخل مع الأســــــــــــرة
من بين المهام الرئيسية التي يشتغل عليها فريق التربية الدامجة بالجمعية هي معرفة احتياجات العائلة (الأبوان، الإخوةوباقي أفراد العائلة)، ونوع التدخل أو التدخلات التي يمكن أن تكون أكثر فعالية لتقديم تتبع تربوي متماسك.
إن التدخل مع العائلة تكون غايته مساعدة الآباء على التفكير والتكيف مع برنامج التربية الدامجة، ومنحهم إمكانية فهمأفضل للوضع العام، وتفادي انحصار النظر إلى المشكل من زاوية الاضطراب الذي يعانيه الطفل.
يعمل فريق التربية الدامجة بالجمعية على تمكين العائلة من تكييف آمالها أو توقعاتها للإمكانات الواقعية للتمدرسوتحديدها بشكل صحيح، منذ البداية، دور الأخصائي التربوي والدور الذي عليهم أيضا اتخاذه.
إن التدخل مع العائلة يتم بشكل انفرادي أو في مجموعة، حسب الواقع والاحتياجات الآنية.
يهدف العمل المشترك بالدرجة الأولى إلى فتح فضاء يسمح للأخصائيين التربويين والآباء بالتحاور وتبادل معلوماتتخص التطور التربوي للطفل، وديناميكية البيت، ومظاهر عائلية عامة أو مدرسية. هذا العمل المشترك يمكن أن يكون الوسيلةالمناسبة للأسرة لنقل العواطف، والمصاعب بالنسبة لاضطراب الابن، أو الآمال والأماني بالنسبة للتقدم المتوصل إليه.
ويتم مباشرة المظاهر المتصلة بالطفل، ومباشرة تلك المطالب العائلية، التي ليست دائما سهلة البوح والظهور، لاتصالهابعلاقاتها الزوجية، وبالروابط مع الأبناء الآخرين، ومع العائلة بمفهومها الشاسع.
إن الغاية من كل ذلك هي مساعدة أفراد الأسرة على تفهم عواطفهم ومعرفة كفاياتهم فيما يخص تربية الأبناء.
يتم إخبار الآباء حسب الأصول بأي تغيير له علاقة بالعملية التربوية، مثلا، يخص الأهداف، أو المنهجية، أو مختلفالاتصالات التي تمت مع أخصائيين آخرين للتربية أو للصحة.
ويخبرون بكل الموارد الإدارية، سواء على مستوى التدخل، والمساعدات المادية والقانونية، التي يمكنهم الاعتماد عليها.
تقدم لهم إمكانية الاتصال بمختلف جمعيات آباء الأطفال الذين يعانون من مصاعب والتي توجد في الجهة أو المنطقة،كذلك الاتصال بأخصائيين آخرين.
تستعمل لغة مفهومة يراعى فيها الإطار الاجتماعي والثقافي لكل عائلة واحترام فوارقها.
ينظم العمل في المجموعة كفضاء مفتوح حيث يساعد ويسمح بالتقاء عدد من الآباء، مانحا لهم فرصة التعبير وفي الوقتنفسه الإصغاء إلى التجارب، والعواطف، والمصاعب التي تفرزها هذه الوضعية.
جدول تلخيصي للتدخل مع الأسر:
-الخبر الأولي
-من الأسرة إلىالأسرة |
عند بداية برنامجالتدخل المبكر
وعند بداية برنامجالتربية الدامجة |
برامج الاستقبال |
-المشاركة في الحصص الفردية
-لقاءات محددة |
-خلال كل مدة تمدرس الطفل |
-برامج التتبع الفردي |
-مجموعة التكوين: الدعم النفسي والدعمالاجتماعي
-المشاركة فيأنشطة الترفيهوالوقت الثالث |
-أوقات معينة أو خلالفترات محددة |
برامج المجموعات |
كثيرا ما يكون أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة أقوى المدافعين والقادرين على كسب التأييد لحقوق الأطفال ذوي الإعاقةلينخرطوا في التعليم. وهم يستحقون الدعم حتى يحققوا أهدافهم، إلا أن كثيرا من أولياء الأمور غير مدركين بأن أطفالهم ذويالإعاقة لهم الحق في حضور المدارس الموجودة في حيهم السكني. وبالفعل فإن اهتمامات أو أهداف أولياء الأمور قد لا تتجاوبدائما مع احتياجات واهتمامات أطفالهم. وقد يحتاج أولياء الأمور إلى مساعدة على تنظيم أنفسهم داخل مجموعة وتحدىالممارسات الاستبعادية في التعليم. وكلما كان ممكنا يجب دعم أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة ليعملوا بالمشاركة مع منظماتالأشخاص ذوي الإعاقة ومع مجموعات أخرى مرتكزة على المجتمع حتى يكسبوا التأييد والدفاع عن هذه الحقوق.