افتتاحية العدد: انقريد لوس – المديرة التنفيذية لشبكة تمكين التعليم
مجلة تمكين التعليم، العدد 8 – 2019
مشاركة الأسرة في التعليم الجامع
من بين أولى المهام التي قمت بها عندما انضممت إلى شبكة تمكين التعليم قبل سبعة عشر عاماً أنني قمت بتحرير وتصميم نشرة بعنوان “العمل الأسري من أجل الدمج في التعليم”. لقد كانت تلك الوثيقة تتويجاً لمشروع بحثي يهدف إلى إلقاء الضوء على قصص لمجموعات من الآباء والأسر الذين كافحوا و بذلوا الكثير من أجل التعليم الجامع. وبالعودة إلى العام 2001، فقد كان الباحثون يسعون جاهدين إلى جمع قصص من الآباء تهدف الي تعزيز الدعم والتأييد لمجموعة من قضايا تدور حول التنوع والتمييز. كان الأمر مثيراً للاهتمام حيث أنهم لم يجدوا سوى أمثلة وقصص من الآباء والأسر الذين عملوا سوياً خلال حملة من أجل الحقوق التعليمية للأطفال ذوي الاعاقة، وليس للأطفال من خلفيات وفئات مهمشة أخرى.
لقد لاقت فكرة “صوت أصحاب المصلحة في التعليم” تأييداً وانتشاراً واسعاً خلال العقدين الماضيين. و بتنا الآن أمام اعتراف أكبر بحق كل من الآباء ومقدمي الرعاية وأفراد الأسرة في المساهمة بأفكارهم وخبراتهم في النقاشات التي تشكل سياسة التعليم وممارساته. وفي بعض الاماكن، أصبحت المدارس أكثر انفتاحاً، مما مكن الآباء ومقدمي الرعاية والأسر من مراقبة الحياة المدرسية عن كثب والمشاركة فيها، مما ساعد على فهم الحياة المدرسية والاسهام فيها لإيجاد حلول للتحديات المتعلقة بالدمج. و قد كانت فرصة رائعة للمتعلمين وذويهم للتفاعل مع مجموعات صنع القرار وحل المشاكل داخل المدارس. و لكن على الرغم من كل هذا التطور، فلا تزال الفجوة واسعة بين الأهالي و المدارس. و لا زالت عادة المعلمين جارية في مسارعتهم إلى تحميل الآباء مسؤولية عدم التحاق أبنائهم بالمدارس أو عدم المشاركة في أنشطة التعلم. وفي نفس السياق قد يكون للآباء توقعات غير معقولة من المعلمين.
في عديد من السياقات، قد تستمر الدولة في الاعتماد بشكل كبير على الأسر لسد الثغرات في التعليم حتى وان كانت مهمة الدولة تقديم تعليم عالي الجودة للجميع.
و في الوقت الذي يتعاظم فيه الاعتماد على المساهمات المالية والمادية والموارد البشرية المقدمة من الأسر في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل المملكة المتحدة، وليس فقط في السياقات ذات الدخل المنخفض ، تتزايد الضغوط على العديد من الأسر و تتسع الهوّة داخل أنظمة التعليم، لأن الأسر في المجتمعات الأكثر فقراً وتهميشاً أصبحت أكثر فقراً وأقل قدرة على تلبية الاحتياجات المتبقية.
وبالنظر إلى تنامي الفرص في ان يساهم الآباء والأسر في صنع قرارات التعليم، و إلى الانقسامات المستمرة بين الآباء والمعلمين، والاعتماد المتزايد للمدارس على الموارد الأسرية، فإننا نأمل من خلال نشر هذا العدد من “مجلة تمكين التعليم” أن نتمكن من إعادة النظر في قضية مشاركة الأسرة في التعليم الجامع. وهدفنا أن نتشاطر صورة عن الجهود التي تبذل في جميع أنحاء العالم من قبل الآباء ومقدمي الرعاية والأسر لتحسين نوعية وشمولية التعليم لأطفالهم ولغيرهم في مجتمعهم المحلي، من خلال العمل المباشر ومن خلال الدعم والتأييد. لقد تلقينا مجموعة مثيرة من المقالات التي تغطي مجموعة واسعة من المواضيع حتى وان لم يكن العدد الذي كتبه الآباء وأفراد الأسرة كما كنا نأمل.
تم تلقي العديد من المقالات المختلفة من ترينيداد وتوباغو وكينيا والتي بدورها تنظر إلى الطرق المختلفة التي يمكن بها تشكيل مجموعات الآباء وكيف تلعب دوراً في التعليم الجامع. بالإضافة إلى مقالات أخرى من ماليزيا والهند والتي تُعنى بدعم الأقران لآباء الأطفال ذوي الاعاقات السمعية، في حين تركز مقالات بلغاريا والمملكة المتحدة (التعليم العلمي) على سبل دعم الآباء لتعلم أطفالهم. وقد تمت مناقشة دعم الآباء لتطوير علاقات تعاونية في المجتمع المدرسي في المقال الوارد من المغرب.
هنالك أيضا مقال آخر من الهند يسلط الضوء على المعضلات التي يواجهها الآباء المؤيدون لمبدأ الدمج ويناضلون من أجل التعليم الجامع حيث مازال أطفالهم يخوضون تجربة سيئة في مدارس التعليم النظامي. ومن ماليزيا نجد مقالاً يركز على قضية ما إذا كان الآباء أو المهنيون يتخذون القرارات الفضلى بشأن قضية تعليم الطفل.
في كثير من الأحيان عندما تركز البرامج على “المشاركة الأبوية” في التعليم، فإن النصيب الأكبر من هذه المشاركة يكون للأمهات وليس للآباء من حيث الانخراط والتفاعل مع هذه البرامج. ولذلك فإن المادة الواردة من فلسطين تنظر في مبادرة لإشراك الآباء بقدر أكبر في تنشئة أطفالهم وتعليمهم.
هناك مقالان من كينيا وملاوي يظهران أمثلة للبرامج التي تشمل دعم تسخير دخل الآباء كوسيلة للمساعدة في ضمان إدماج أطفالهم في التعليم.
و يشرح المقالان الواردان من أفغانستان وباكستان اللعبة الابداعية والتفاعلية في تسهيل المشاركة المجتمعية في عملية اتخاذ القرار بشأن تحسين المدارس. وعلى نحو مماثل، تم وصف النهج الذي أطلق عليه “ديناميكيات النظام المرتكز على المجتمع” ــ والذي يساعد المجتمعات في العمل الجماعي من أجل إحداث تغييرات إيجابية في التعليم.
يتحدث المقال عن المكتبات في الولايات المتحدة الأمريكية وغانا وعن الدور الذي يؤديه الناس والموارد في دعم التعليم المبكر ومحو الأمية، ولا سيما للأطفال المهمشين. هناك مقال آخر من المملكة المتحدة يبين كيفية استخدام الأنشطة في المجتمع في تعزيز ثقة الشباب وتحفيزهم على التعلم مثل رياضة تسلق الصخور.
على الرغم من الالتزامات والوعود الدولية، فإن التزام الحكومات بالتعليم الجامع وتمويله على مستوى العالم لا يزال هشاً. ولا يزال للوالدين ومقدمي الرعاية والمجتمع المحلي الأوسع نطاقا دور حيوي يؤدونه في الدعوة إلى إحداث تغيير في نظم التعليم والميزانيات. ومن حقهم أن يساهموا بخبراتهم في المناقشات والقرارات المتعلقة بالتعليم وتحسين المدارس. وقد يزعم البعض أيضاً أنه إذا كان للأطفال أن يتلقوا تعليماً جامعاً وشاملاً ذا نوعية جيدة، فإن آباءهم وأسرهم يحتاجون إلى تعزيز التعلم النشط منذ الولادة، وهم يحتاجون إلى المساعدة في القيام بذلك.
ختاماً فإن للآباء ومقدمي الرعاية وأفراد الأسرة والمجتمع أدواراً هامةً جداً ومتعددة التأثير في تطوير أنظمة تعليمية أكثر شمولية. وسواء كنا نعمل في المدارس أو الحكومات أو المنظمات غير الحكومية، فإنه يتعين علينا أن نضع في حسابنا جعل أصحاب المصلحة هؤلاء في قلب جهودنا الرامية إلى تحسين التعليم.